السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نلتقي معكم أحبتنا ..
و
قاعدة عظيمة من قواعد القران لـ تطوير الذات ..
نقف فيه ملوحين مع قاعدة من
القواعد القرآنية المحكمة
التي تدل على عظمة هذا الدين ، وسموه ، وعلو مبادئه ..
إنها القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى :: {
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
"
الحجرات : 13 "
إن هذه الآية العظيمة جامعة الآدابفبعد أن ذكر
الله تعالى جملةً من الآداب العظيمة والخلال الكريمة
ونهى عن جملة من الأخلاق الرذيلة ، والطباع السيئة ،
قال الله بعدها
مقرراً الأصل الجامع الذي تنطلق منه الأخلاق الحسنة
وتضعف معه أو تتلاشى الأخلاق السيئة
وأنه معيار التفاضل والكرامة عند الله: {
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
الحجرات: 13إنها
آية عظيمةتبرز ميزان العدل الذي لم تظهر تفاصيله
كما ظهرت في هذا الدين ...
:
معنى القاعدة بـِإيجاز :/ لن يتبين لك موقع هذه
الآية الكريمة إلا إذا استعرضتَ في ذهنك
شيئاً من الموازين التي كان يتعامل بها عرب الجاهلية
في نظرتهم لغيرهم من غير قبائلهم
سواءٌ كانوا من قبائل أخرى أقل منها درجة في النسب
أو في نظرتهم للأعاجم، أو في تعاملهم مع العبيد والموالي
إن من عظمة هذا الدين أنه لم يربط مكانة الإنسان ومنزلته
عند الله بشيء لا قدرة عليه به
فالإنسان لا يختار أن يكون شريف النسب !
وإلا لتمنى الكل أن يتصل بالسلالة النبوية !
ولم يربطه بطول ولا قصر، ولا وسامة ولا دمامة
ولا غير ذلك من المعايير التي ليست في مقدور البشر
بل ربطه بمعيار هو في مقدور الإنسان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس في كتاب الله آية واحدةٌ يمدح فيها أحداً بنسبه
ولا يَذُمُّ أحداً بنسبه، وإنما يمدحُ الإيمانَ والتقوى
ويذمَ بالكفرِ والفسوقِ والعصيان"
ولو قلبنا
السيرة النبوية ، وصفحات التاريخ
لوجدنا من ذلك عبراً وشواهدَ كثيرة ..
إليكم هذا الموقف الذي وقع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
وحدّث به الصحابي صادق اللهجة: أبو ذر رضي الله عنه: روى الشيخان من حديث المعرور بن سويد: قال:
مررنا بأبي ذر بالربذة، وعليه بُردٌ وعلى غلامه مثله
فقلنا يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة
فقال: إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام
وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه
فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية »!
قلت: يا رسول الله من سب الرجال سبوا أباه وأمه،
قال: «يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم
فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم
مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم »!
فهذا أبو ذر مع صدق إيمانه، وسابقته في الإسلام
لامه النبي صلى الله عليه وسلم
وعاتبه لما خالف هذه القاعدة القرآنية العظيمة
وعيّر الرجل بمنطق أهل الجاهلية !وليس هذا الموقف الوحيد الذي ربّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم
على الاهتداء بهدي هذه القاعدة
بل كررها بعدة أساليب بيانية، وعملية ..
وهذا الموقف قطرة من بحر
سيرته العطرة صلى الله عليه وسلمأما سيرة أصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان
فالمواقف فيها كثيرة وعظيمة
أكتفي منها
بهذا الموقف الذي يدل على نبلهم وفضلهم
وشرف أخلاقهم حقاً
جعلهم أهلاً لأن يكونوا خير من يمثل عالمية الإسلام وعالمية الرسالة.
كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم
ـ المعروف بزين العابدين ـوهو من سكان مدينة النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد
يتخطى حلق قومه من قريش، حتى يأتي حلقة زيد بن أسلم ـ
وهو مولى لكنه من علماء المدينة الكبار في زمانه ـ
فيجلس عنده، فكأن بعض الناس لامه : كيف تجلس ـ
وأنت الرجل القرشي وحفيد النبي صلى الله عليه وسلم ـ
عند رجل من الموالي ؟
فقال : كلمة ملؤها العقل :
إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه .:
::
قاعــدة ::
-الإسلام لا يلتفت إلى الفوارق في اللون , والجنس ,
والنسب فالناس كلهم لآدم وآدم خلق من تراب ..
وإنما يكون التفاضل في الإسلام بين الناس بالإيمان والتقوى ..
بفعل ما أمر الله به.. واجتناب ما نهى الله عنه .
- الإسلام يسوي بين جميع الناس في الحقوق والواجبات ..
فالناس أمام الشرع سواء .
- تختلف المقاييس التي يعتمد عليها الناس في تقييمهم للأشخاص
ومدى استحقاقهم للتقدير والاحترام
فمنهم من تتفاوت قيمة الناس لديه حسب نَسَبِهم
وعراقة قبائلهم ، فأجدرهم بالاحترام ، والتقدير أعلاهم نسباً ، وأعرقهم قبيلة
جميع هذه المقاييس لا تتعدى كونها مقاييس مادية بحتة ضيقة الأفق
فالإنسان الذي يفاضل بين الأشخاص على هذه الأسس
إنما ينظر إلى الحياة بمنظار ضيق جدا
فالشخص العريق النسب لا قيمة لنسبه مع انحطاط في أخلاقه
وقيمه الدينية والاجتماعية
ومهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه
فلن يصل إلى نسب أبي لهب – عم الرسول – صلى الله عليه وسلم –
الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة
وقد كان كثير من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
لا يملكون هذه العراقة في النسب
غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين ، والتضحية في سبيله ..
- أخبرنا الله تعالى أن مصير كل هذه الاعتبارات والمقاييس
إلى التلاشي يوم القيامة ، فمصير النسب
{
فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون }
ومصير الغنى {
وما يغني عنه ماله إذا تردى }
ومصير الجاه والمنزلة {
هلك عني سلطانيه} .
والجواب أرشدنا إليه القرآن الكريم في قوله تعالى :{
إن أكرمكم عند الله أتقاكم}
فالمرء يقاس بمقدار صلاحه واستقامته على منهج الله
وقيمة الإنسان في المجتمع إنما هي بمقدار نفعه لمجتمعه وخدمته لأمته
واستغلال ما آتاه الله من نعم وما مكنه فيه في نشر الخير
ومساعدة المحتاج وإعانة الضعيف
وسره على مصالح الأمة ومعرفته بحقوق الآخرين
فيجب علينا أن نحترم الناس على هذا المقياس ، ونزنهم بهذا الميزان العادل .
فالواجب علينــا : أن نقيس الناس بالمقاييس الثابتة الراسخة الجذور
في الدنيا والآخرة التي تَعَبَّــدَنَا الله بتقدير الأشخاص استنادا إليها .
وما قصدنا إلا الخير والإصلاح
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .